صفحات من التاريخ

من كان أديب الشيشكلي الرئيس السوري الذي اغتيل في البرازيل؟

البدايات
وُلد أديب الشيشكلي في حماة بسوريا في عام 1909 لعائلة مسلمة سنية من ملاك الأراضي من أصول تركية. وكانت سوريا في ذلك الوقت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية.

وتقول الموسوعة الدمشقية عن الشيشكلي إنه درس في المدرسة الزراعية بمدينة السلمية، ثم في كلية حمص العسكرية وبعد تخرجه عُين ضابطاً في جيش الشرق الذي أنشاه الانتداب الفرنسي في سوريا، وهو الانتداب الذي فرض على سوريا ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى.

وقد عُرف بمعارضته للفرنسيين ونزعته القومية مما أثّر على ترقيته وأدى إلى تعيينه في مناطق نائية. وقد انشق عن جيش الشرق وقاد ثورة ضد الفرنسيين في حماة واستولى على قلعة المدينة، ولكنه اضطر إلى التسليم بعد تدخل الجيش البريطاني دعما للفرنسيين.

بعد انسحاب القوات الفرنسية من سوريا انتسب إلى الجيش السوري الوليد يوم تأسيسه في الأول من أغسطس/ آب من عام 1945.

وصعد الشيشكلي في صفوف الجيش وشارك في حرب 1948 بين العرب وإسرائيل، وخلال فترة الحرب تعرف على قائد الجيش السوري حسني الزعيم وتوطدت الصداقة بينهما.

ولقد انتهت تلك الحرب بانتصار إسرائيل الناشئة حديثاً على تحالف من عدد من الدول العربية، بما في ذلك سوريا.

وكانت للهزيمة في الحرب تداعيات سياسية خطيرة في سوريا، مما أدى إلى عدم الرضا عن الطبقة السياسية وخلق بيئة مهيأة للتدخل العسكري في السياسة.

الانقلاب الأول
شارك الشيشكلي في الانقلاب الذي قاده حسني الزعيم ضد الرئيس شكري القوتلي في 29 مارس / آذار من عام 1949، وصار الزعيم رئيسا لسوريا في 26 يوليو/ تموز من ذلك العام.

وقد ظل الشيشكلي مخلصا للزعيم حتى قام الأخير بتسليم أنطون سعادة للبنان حيث أُعدم. وكان أنطون سعادة زعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي قد حصل حق اللجوء السياسي في سوريا بوساطة من الشيشكلي.

وعندما اعترض الشيشكلي على خطوة تسليم سعادة للبنان، قام الزعيم بتسريحه من الخدمة العسكرية.

الانقلاب الثاني
انضم الشيشكلي إلى صفوف الضباط المعارضين بقيادة سامي الحناوي، وقد نجحوا في الإطاحة بالزعيم في 14 أغسطس/ آب من عام 1949 حيث تم إعدامه.

وأعاد الحناوي الشيشكلي إلى الخدمة العسكرية، وعينه قائدا للواء قريب من دمشق.

ويقال إن الشيشكلي حمل قميص الزعيم الملطخ بالدماء بعد إعدامه وقدمه لأرملة أنطون سعادة.

الانقلاب الثالث
تقول دائرة المعارف البريطانية إن الشيشكلي عارض توجهات الحناوي ورئيس الدولة هاشم الأتاسي التي كانت تهدف إلى الوحدة السياسية بين سوريا والعراق تحت العرش الهاشمي الذي كان يراه أداة في يد بريطانيا.

وعندما بدت الوحدة محتملة في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1949، نفذ الشيشكلي انقلابه حيث اعتقل الحناوي وسرحه من الجيش بتهمة التآمر على النظام الجمهوري.

وأعلن الشيشكلي أن هدف انقلابه هو تطهير الجيش من المتآمرين، وفرض ضابطاً موالياً له هو فوزي سلو وزيراً للدفاع.

وقد سمح الشيشكلي في البداية للهيكل البرلماني السوري بالبقاء على حاله وظل الرئيس هاشم الأتاسي في منصبه.

 

الانقلاب الرابع والرئاسة

وفي 28 نوفمر/ تشرين الثاني من عام 1951 تشكلت وزارة معروف الدواليبي الذي رفض إسناد وزارة الدفاع إلى فوزي سلو كما فعل أسلافه، فما كان من الشيشكلي سوى القيام بانقلاب في اليوم التالي وأمر باعتقال الدواليبي.

وفي ظل هذا الوضع المتأزم استقال الأتاسي، ليتم تعيين فوزي سلو رئيساً الجمهورية.

وخلال تلك الفترة حلّ الشيشكلي الأحزاب وأطلق حركة التحرير العربي، والتي قامت على خليط من الفكر القومي وفكر الحزب السوري القومي الاجتماعي، وقد تحولت لاحقا إلى حزب سياسي.

وفي عام 1953 دعا لانتخابات نيابية فازت خلالها حركة التحرير بستين مقعدا من أصل 82 مقعد، ورشح مجلس النواب الجديد الشيشكلي للرئاسة من دون منافس ليحصل على 90 في المئة من الأصوات، ويتولى الرئاسة رسميا في 11 يوليو/ تموز من عام 1953.

اتحاد المعارضة ضده
خلت حكومة الشيشكلي من جميع الأحزاب التقليدية التي قرّرت مقاطعته. ودعا هاشم الأتاسي إلى اجتماع في داره بحمص في أغسطس/ آب من عام 1953 حضره ممثلون عن مختلف الأحزاب وتقرر فيه عدم الاعتراف بشرعية حكم الشيشكلي.

وقد أيّد سلطان باشا الأطرش زعيم الدروز قرارات هذا المؤتمر، ووصف الشيشكلي بالديكتاتور الذي يجب على السوريين إسقاطه.

كما اشتدّ الخلاف بينه وبين البعثيين فاعتقل ميشيل عفلق، وصلاح البيطار، وزعيم الحزب الاشتراكي العربي أكرم الحوراني.

وقد أطلق الشيشكلي عبارته الشهيرة إن أعدائي يشبهون الأفعى رأسها في جبل الدروز ومعدتها في حمص (معقل هاشم الأتاسي) وذيلها في حلب (معقل حزب الشعب).

جبل الدروز وتمرد حلب
بدأ الشيشكلي بضرب خصومه في جبل الدروز حيث اعتقل منصور الأطرش نجل سلطان باشا الذي قاد مظاهرات في الجبل ضد حكمه.

واستخدمت قوات الشيشكلي القوة لسحق تلك المظاهرات فتحول الأمر إلى مواجهة مسلحة حيث قصفت الطائرات الحربية الجبل وأحياء مدينة السويداء بالقنابل مما أدّى إلى مصرع العديد من المدنيين.

وفي الوقت نفسه انطلقت ضده مظاهرات كبيرة في حلب حيث أعلنت مجموعة من الضباط فيها العصيان، واستولوا على مبنى الإذاعة هناك، وطالبوا الشيشكلي بالاستقالة، وسرعان ما انضمت لهم مجموعات من الضباط في الرقة ودير الزور والحسكة وحمص وحماة ودرعا واللاذقية فتم إعلان تشكيل القيادة الشمالية الشرقية والغربية والوسطى التي انفصلت عن قيادة دمشق، ووجهت إنذاراً للشيشكلي بمغادرة البلاد.

النفي والاغتيال
تقول الموسوعة الدمشقية إنه رغم أن القوات الموالية له كانت قادرة على سحق التمرد إلا أن الشيشكلي قرر الاستقالة في 25 فبراير/ شباط من عام 1954 وغادر إلى العاصمة اللبنانية بيروت ومنها إلى السعودية.

ولم تطو سوريا صفحة الشيشكلي تماماً حيث أطل اسمه مجدداً في عام 1956 لدى اكتشاف مؤامرة انقلابية تم توجيه الاتهام فيها إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وبعض الضباط، وتمت الإشارة إلى دور للشيشكلي فيها، وأنه كان ينتظر نجاح الانقلاب ليعود إلى دمشق، ولكن المؤامرة انكشفت.

ومكث الشيشكلي في السعودية حتى عام 1957 قبل أن ينتقل إلى فرنسا. وبعد 3 أعوام توجه إلى البرازيل التي وصل إليها في 8 أبريل/ نيسان من عام 1960.

وعاش الشيشكلي سنواته الأخيرة في البرازيل في منزل قريب من جسر نهر داس وتم اغتياله على يد مهاجر سوري من الدروز هو نواف غزالة في 27 سبتمبر/ أيلول من عام 1964. وقال غزالة إنه قتل الشيشكلي انتقاماً لأهله وشهداء الدروز الذين قتلوا في حملته على جبل الدروز في عام 1953.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى