إيكونوميست: لماذا تتفوق أمريكا إقتصادياً على باقي دول العالم الغنية؟
تناول تقرير لصحيفة “إيكونوميست” التفوق الاقتصادي للولايات المتحدة على الدول الغنية الأخرى.
في تسعينيات القرن الماضي، توقعت لجنة سياسات التنافسية الأميركية تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي مقارنة ببعض الدول الصناعية.
كان هذا التقييم مدفوعًا بالمخاوف من تفوق الاقتصادات الأخرى مثل اليابان وأوروبا. لكن الواقع أثبت خطأ هذه التوقعات، إذ بينما شهدت اليابان ركودًا طويلًا وتباطأ للنمو في أوروبا، قادت الولايات المتحدة نهضة اقتصادية بفضل ثورة الإنترنت.
اليوم، وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة من فقدان هيمنتها الاقتصادية في مواجهة الصعود الصيني، فإن الاقتصاد الأميركي يواصل تحقيق تفوق ملحوظ، متجاوزًا الاقتصادات المتقدمة الأخرى في النمو خلال العقود الثلاثة الماضية.
منذ بداية عام 2020 وقبل جائحة كوفيد-19، حقق الاقتصاد الأميركي نموًا حقيقيًا بلغ 10%، وهو ثلاثة أضعاف النمو في دول مجموعة السبع.
حسب صندوق النقد الدولي، تُعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي تجاوز اقتصادها وأرقام التوظيف توقعات ما قبل الجائحة.
هذا الأداء الاقتصادي القوي انعكس على حياة الأميركيين اليومية مع زيادة رحلاتهم وإنفاقهم بالخارج، مؤكّدًا مستوى الثقة في الاقتصاد الداخلي وقدرته على توفير الفرص.
تزامن النمو أيضًا مع تعزيز مكانة الدولار كعملة عالمية مهيمنة.
وبفضل قوة الدولار، تمكنت الشركات الأميركية من دخول التجارة الدولية بسهولة، وجذب الاستثمار الأجنبي في الأصول الأميركية.
بالرغم من التوقعات بأن الصين قد تتجاوز الاقتصاد الأميركي لتصبح الأكبر عالميًا، إلا أن الصين شهدت تباطؤًا في نموها حيث انخفض ناتجها المحلي الإجمالي إلى حوالي 65% من الناتج الأميركي بحلول 2024.
جزء كبير من النجاح الأميركي يعزى إلى مزايا جغرافية وبنية تحتية قوية. كسوق شاسع يمتد عبر خمسين ولاية، تتمتع الشركات بسهولة الوصول إلى سوق استهلاكية متنوعة، مما يسهل عليها إطلاق منتجات جديدة بسرعة وكفاءة.
بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الولايات المتحدة بسوق عمل كبير ومتكامل يتيح فرص التنقل والتوظيف ويجذب العمالة للقطاعات الإنتاجية.
لم تكن المزايا السوقية وحدها سبب النجاح، بل لعبت السياسات الحكومية دورًا كبيرًا في تعزيز النمو والاستقرار الاقتصادي. أثناء الأزمات مثل الأزمة المالية 2007-2009 وكوفيد-19،
اتخذت الحكومة إجراءات فاعلة لتحفيز التعافي الاقتصادي رغم تأثير هذه الإجراءات على التضخم العالمي.
على الرغم من الأداء القوي، تواجه الولايات المتحدة تحديات مثل قضايا الصحة العامة وعدم المساواة الاقتصادية.
متوسط العمر المتوقع أقل بثلاث سنوات من المتوسط الأوروبي الغربي بسبب مشاكل صحية هيكلية متنوعة.
ومع ذلك، تظل الديناميكية الاقتصادية ميزة فريدة تساعد أميركا على مواجهة التقلبات والتغلب على تحديات الاقتصاد العالمي بفضل الابتكار واستثمار الموارد.
ختامًا، رغم التحديات والقلق حول تراجع القوة الاقتصادية للولايات المتحدة، إلا أن الحقائق تشير إلى أن اقتصادها يظل قادرًا على أداء متميز وتشكيل وجه الاقتصاد العالمي بفضل ديناميكيته ومرونته.