الشرق الأوسطمقالات رأي

المقاومة شرف الأمة رغم أنف العاص ابن وائل

منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي خاضت المقاومة في غزة حروباً شرسة مع مجموعة من العصابات الصهيونية التي لا تخضع ولا تعترف بأي قوانين دولية أو إنسانية.

ولتوضيح الصورة أكثر لبعض المتصهينين يجب أن نعيد التذكير ببعض الحقائق البديهية والتاريخية والدولية أيضاً، وهي أن الكيان الموجود الآن على أرض فلسطين بشكل كامل هو كيان محتل وتم جلب هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون على أراضي الفلسطينيين الآن بالترغيب أحياناً ( أرض السمن والعسل ) أو الترهيب أحياناً أخرى من جميع دول العالم إلى أرض فلسطين بتخطيط من المجتمع الدولى وتنفيذ العصابات الصهيونية المتواجدة في دول العالم المختلفة.

الحقيقة الثانية أن القرار الصادر من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين لو افترضنا جدلاً أنه قرار عادل رغم أنه اقتطع من أرض من يملك وأعطاها لمن لا يستحق، فإنه بحكم هذا القرار فإن القدس الشرقية والضفة وغزة وهي ما تقارب مساحتها 49٪؜ من أرض فلسطين التاريخية هي أرض فلسطينية ولا يجب تواجد أي صهيوني عليها بحكم القانون الدولي.

الحقيقة الثالثة أنه منذ عام 1948 لم تتوقف العصابات الصهيونية عن قتل الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم وتدنيس مقدساتهم الإسلامية والمسيحية على حد سواء.

الحقيقة الرابعة أن المقاومة لم تتوقف في الأراضي المحتلة منذ وطأت أقدام الصهاينة الأراضي العربية الفلسطينية منذ وجود الاحتلال البريطاني على أرض فلسطين عام 1918 مروراً بإعلان قرار التقسيم عام 1947 وحتى الآن، بداية من ثورة عام 1936 وإعلان الإضراب العام الكبير ومروراً بنكبة عام 1948 وعمليات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم، حتى قيام منظمة التحرير الفلسطينية  عام 1964  والتي ضمت حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية وحزب الشعب الشيوعي، ونشوء حركة حماس بفصائلها المسلحة وحركة الجهاد الإسلامي بفصائلها المسلحة أيضاً.

قد يتساءل أحدهم وكيف استمر الاحتلال الصهيوني كل تلك السنوات رغم وجود المقاومة؟ بل إنه توسع واحتل أغلب الأراضي العربية ؟

تأتي إجابة السؤال بسؤال آخر كيف يمكنك تخيل هذا الكيان لو لم تكن المقاومة موجودة كل تلك السنوات رغم الدعم الأمريكي والغربي الغير محدود له، وحالة الضعف العربي القائمة؟

حرب عام 1948 الذي شاركت فيه الجيوش العربية وانتهت بالهزيمة ثم الهدنة وتقسيم فلسطين وتبعها احتلال العصابات الصهيونية لفرض سيطرتها على كامل غزة والضفة والقدس الشرقية واستمرت المقاومة، ثم حرب عام 1956 والعدوان الثلاثي على مصر والذي شاركت فيه كل من فرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى الكيان الصهيونى، وبعد انسحاب الجيوش الثلاثة، استمرت العصابات الصهيونية في غزة والأراضي الفلسطينية، واستمرت المقاومة أيضاً، ثم حرب عام 1967 واحتلال الكيان الصهيوني لشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان في سوريا واستمرت المقاومة، ثم حرب عام 1973 وهزيمة الكيان على يد الجيوش المصرية وعادت سيناء إلى مصر وبقيت أرض فلسطين تحت سيطرة العصابات الصهيونية، وبقيت المقاومة  أيضاً وحيدة تدافع عن الأرض الفلسطينية والشرف العربي.

على مدار أكثر من خمسة وسبعين سنة لا زالت المقاومة والمقاومون يدافعون عن الأرض والعرض( فلسطين) لم يضرهم من خذلهم من المتصهينين من العرب أو المسلمين.

حملت المقاومة الفلسطينية على عاتقها تطهير العار الذي حل على رؤوس العرب جميعاً، لم يطلبوا منهم أن يدافعوا عنهم بل طالبوا بأضعف الإيمان ( ليقل خيراً أو ليصمت)، نسى العرب حتى عادات الجاهلية في نصرة المستجيرين، كما نسوا مبادىء الإسلام فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً.

أحاول أن أتصور هذه الحرب الأخيرة بدون الحوثيين في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان وبعض جيوب المقاومة في العراق ودولة مثل إيران.

لم تكتفي تلك الدول بالشجب أو الإنكار ومناداة مجتمع دولى متمثلاً في هيئات ومنظمات لا ترى إلّا بعين واحدة، بل تجاوزت ذلك بقصف الاحتلال بكل بما لديها من قوة ودفعت ثمن ذلك من شهدائها وإقتصادها والحصار من كافة الجهات.

حتى لو توقفت تلك الجيبوب المدافعة عن الإنسانيّة والعروبة والإسلام  في غزة تحت ضغوط داخلية أو خارجية  يكفيها شرفاً مشاركتها إخوانهم في فلسطين في مقاومة تلك العصابات ومحاولة تخفيف ما يتعرض له الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيون من إبادة.

ولتقرير الواقع فإن العصابات الصهيونية في الحقيقة لا تحارب المقاومة فهي تحارب المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء، تحارب عمال الإغاثة والمستشفيات والكوادر الطبية، لم نرهم وجهاً لوجه مع المجاهدين بل كانوا هاربين أو متخفيين من وراء الجدر أو متحصنين بالأطفال.

يذكر أنه في الجاهلية  وفي عام 33 قبل الهجرة قدم إلى مكة لبيع بضاعته فاشتراها منه العاص بن وائل وحبس عنه حقه ولما وصل الخبر إلى قبائل قريش أنشأوا حلف الفضول ليقوم على نصرة والمظلوم وأخذ الحق من الظالم ورد الحقوق، وقد أثني عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاء الإسلام ليؤكد على نصرة المظلوم ومقاومة الظالم بشكل عام، فما بالك عندما يكون المظلوم هو اخوك في الإسلام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله) وأي خذلان ما نحن فيه الآن.

صفحات  قليلة من أي كتاب في التاريخ ستحكي لك عن نشأة حضارات وانهيارها وقيام ممالك وزوالها وتوسع إمبراطوريات وانحسارها، لكن الواقع في التاريخ أنه لن يضيع حق وراءه مقاوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى